زراعة الأفكار


كنت من الذين سرهم وأسعدهم وأضحكهم فاصل السخرية من عمر سليمان عندما اجري حوار مع محطة أمريكية وقال جملته الشهيرة " بط هوين"، وكنت من المهللين بسخافة احمد شفيق عندما بدا وكأنه لا يفقه كثير مما يقول في محادثة تليفونية مع قناة إخبارية اجنبية. وكنت اتقلب من كثرة الضحك عندما قام باسم يوسف بالسخرية من انجليزية محمد مرسي.
ثم هجم على سؤال اراه منطقيا "clip_image002[4] هل فعلا عدم اجادة اللغة الإنجليزية امر يدعو للسخرية؟ هل يجب ان يكون من سمات القائد ان يتحدث الإنجليزية بطلاقة؟ وبقليل من التفكير المنطقي جاءت الإجابة بلا. لا يمكن ابدا ان يكون عدم القدرة على التحدث بالإنجليزية بطلاقة معادلا للفشل، ثم طرحت أسئلة اخري لماذا لا نسخر عندما يتحدث سفير أمريكا العربية بركاكة وسوء نطق وقلة اتقان؟ بل علي العكس نسر و نبتهج لأنه يحاول ان يفعل ذلك.  بل نضحك سعادة لا سخرية عندما يخطئ، لكنني ذهنيا ووجدانيا ارفض هذه الإجابة المنطقية، فشيء ما بداخلي يؤكد انه لا يمكن ان يكون هناك زعيم او قائد او شخص ناجح دون ان يتحدث الإنجليزية بطلاقة. وعلى مدار يومين ذهبت أفتش عن اصل هذه القناعة الراسخة بداخلي ان النجاح جزء من التحدث بالإنجليزية، فإجادة الإنجليزية هو أصل كل نجاح. وعندها تأكدت انهم نجحوا في زراعة الأفكار بداخلي.
وإذا كانت هذه الفكرة تم اكتشفها فلابد ان هناك مئات من الأفكار المدفونة في راسي وتحدد تصرفاتي واقبل بها كقاعدة مستمرة وهي في الأصل ليست صحيحة بالضرورة. ساعتها تذكرت كيف انني أجد صعوبة أحيانا في اقناع الاخرين بما هو من المسلمات عندي مثل قضية ان تخرج البنت مع شاب غريب عنها او ان ترتدي ما يكشف عن جسدها.  ساعتها فهمت ان تلك الفتاة و ذلك الشاب لا يجادل عن باطل كما كنت اتخيل بل انه في الحقيقة مقتنع كل الاقتناع بصحة موقفه و سداد رايه.
انها زراعة الأفكار يا سادة ، خلاصة سنوات من العمل الدؤوب و المستمر لتغريب هذا المجتمع، لا اريد منك ان توافق او ان ترفض علي هذا الكلام فقط قف وحدك و فتش في ذهنك و اعد تمحيص اعتقاداتك و سل نفسك هل فعلا ما تعتقد انه صحيح هو كذلك؟

ليست هناك تعليقات: