الحيل الدفاعية (علم نفس)

 

ظهر مصطلح الحيل الدفاعية في اطار نظرية التحليل النفسي للعالم النمساوي فرويد Sigmund Freud و عرفها بانها مجموعة من الاستراتيجيات النفسية التي يمارسها الفرد في مستوي اللاوعي ليتمكن من تخطي المشاعر  السلبية في الحياة الواقعية و لتحسين صورته الذاتية.

يلجا الفرد السوي للحيل الدفاعية المختلفة طوال حياته خصوصا عندما يمر بأزمة عاصفة او ظروف غير مرغوبة لفترة طويلة ، استخدم فرويد ثلاثة مصطلحات ليوضح فكرته حول الحيل الدفاعية بحيث قسم شخصية الفرد لثلاث مستويات هي الهو ID  و الانا Ego و الانا الأعلى SuperEgo

وباختصار شديد فاذا كانت اللذة او السعادة المباشرة هي التي تتحكم في سلوك الهو ، حيث يمثل الهو في نظر فرويد الحاجات الفسيولوجية – في حين تمثل الانا الاعراف الاجتماعية و تمثل الانا الاعلي الضمير الداخلي الذي يصنف الافعال إلي صواب و خطا . ومثال ذلك في سن المراهقة يجد الفرد نفسة مدفوعا للرغبة في الممارسة الجنسية إلا ان المجتمع يضع ضوابط لهذه الممارسة و كذلك يقف الضمير الداخلي حاجز نحو اشباع هذه الرغبة إلا من خلال الاطر المقبولة اجتماعيا و دينيا.

وهنا وعندما تتعارض الرغبات الاولية للهو مع ضوابط الانا الأعلى تلجا الانا للحيل الدفاعية لتخفيف التوتر الناتج عن الحرمان  في هذه الحالة.

يقف الانا Ego عند فرويد بين طرفي نقيض هما الهو حيث تمثل اللذة المحرك الاساسي و بين الانا الأعلى حيث تمثل الحدود التي يمكن للانا ان يتحرك بداخلها. لو اخذنا الرغبة الجنسية مثال لذلك فان الانا يقع بين الرغبة الكامنة في الهو في ممارسة الجنس و بين الضوابط المجتمعية التي تضع الزواج كسبيل لذلك.

وعندما يشتد الصراع بين ما هو مرغوب لدي الهو (في اللاوعي) و بين ما هو متاح في نظر الانا الأعلى (في الواقع) يلجا الفرد للحيل الدفاعية لتخفيف حدة هذا الصراع.

كيف يستخدم الانا الحيل الدفاعية:

عندما يشعر الفرد بمشاعر سلبية - كالقلق او الشعور بالذنب او الاحراج او الخجل- يلجا الفرد للحيل الدفاعية كسبيل لتخفيف هذه التوتر.

تقول اّنا فرويد Anna Freud في كتاب الانا و الحيل الدفاعية, The Ego and the Mechanisms of Defense 1936 ان الحيل الدفاعية تعطي الفرد القدرة على الظهور بمظهر مقبول ذاتيا عن طريق محاولة إعادة تفسير الواقع. 

انواع و امثلة  الحيل الدفاعية

يوجد العديد من الحيل الدفاعية إلى الحد الذى يصعب معه حصرها بشكل كامل ، وقدم العديد من العلماء محاولات لتصنيفها و تقسيمها لعل اشهرها ما قدمه العالم فالنت George Eman Vaillant في 1977 حيث قسمها إلى أربع مستويات:

Ø                        المستوي الأول : الدفاع المرضي كالوساوس و الذهان و الاوهام 

Ø                        المستوي الثاني : الدفاع غير الناضج مثل الخيال و الرفض و الادعاء

Ø                        المستوي الثالث : الدفاع العصابي كالفصام و الكبت و الاحلال

Ø                        المستوي الرابع : الدفاع الناضج كالسخرية و التسامي و الايثار

المستوي الأول:

في المستوي الاول المرضي تكون الضغوط و صلت لمستوي ضاغط بحيث يصعب معه امكانية اجتياز الظروف الواقعية. وعادة ما يبدو اصحاب هذه الحيل بانهم غير اسوياء في نظر الاخرين. ومن هذه الحيل:

·     الاسقاط : حيث يقوم الشخص بإسقاط الابعاد الواقعية للأمر وعادة ما ترتبط هذه الحيلة بالاضطهاد

·      الانكار :إعادة تشكيل الواقع في صورة غير صورته الحقيقية

الثاني : غير الناضج

يزداد معدل اللجوء لهذا النوع من الحيل الدفاعية في مرحلة المراهقة ، وتبلغ اقصي معدلاتها في حالة الشعور بالنبذ او عدم التأقلم مع المجتمع. وتوصف بالخطورة حال استمراها بعد سن المراهقة من الحيل حيث ان زيادة الاعتماد عليه قد يؤدي لاضطرابات شخصية، ومن هذه الحيل:

·     التداعي: التعبير عن رغبات مكبوتة بصورة غير مقصودة، حيث تظهر الرغبات المكبوتة في زلات اللسان

·     الاستغراق في الخيال : الميل لأحلام اليقظة و الخيال بحثا عن حلول للصراعات الداخلية و الخارجية.

·     المثالية : الميل للقيم الخيرية بشكل مبالغ فيه

·     العدوان السلبي : التعبير عن رفض الاخرين بشكل غير مباشر

·     الرفض :إعادة ترتيب الواقع مع اسقاط مصادر التوتر ، في حالة زيادة الاعتماد على هذه الحيل يتحول الامر إلى جنون الارتياب  paranoia

·     الجسدنة Somatization حيث يتم تحويل مصادر التوتر و القلق لصورة اعراض جسدية

الثالث :العصاب

يقل استخدام هذه الحيل بين البالغين و بشكل عام فان القليل منها مقبول كأسلوب لتقليل التوتر و اجتياز الازمات إلا ان زيادة استخدامه يؤدي لخلل في علاقات الافراد و في الحياة الاسرية و العملية. ومنها:

·     الازاحة :وهي حيله دفاعية يقوم بها الفرد لنقل الرغبات الجنسية و العدوانية إلى أهداف أخري مقبولة أو اقل خطورة  ، فالموظف المقهور في مكان عمله يحول شعوره بالاضطهاد إلى اسرته

·      التفكيك :تحول عنيف طاري و مفاجي في احدي سمات الشخصية بحثا عن تقليل مشاعر التوتر المرتبطة بموضوع محدد.

·     توهم المرض : القلق المفرط من الاصابة بالمرض

·     التبرير: عملية عقلية يقوم فيها الفرد بإعادة تفسير الموقف بحيث يصبح مقبول ، مثل شخص لم يستطيع الحصول على وظيفة يبدا بإقناع نفسه بان الوظيفة لم تكن جيدة.

·     التكوين العكسي : حيث يقوم الفرد بتحويل الافكار و الآمال التي من المتوقع ان تمثل خطورة على الفرد إلي الافكار النقيضة والتي يراها الفرد اّمنه. تعد هذه الطريقة جيدة للتغلب على المشاكل قصيرة المدي لكنها تمثل ضررا على المدي البعيد.

·     النكوص : الارتداد لمرحلة سابقة بحثا عن تقليل للتوتر ، مثل المراهقة المتأخرة لدي الكبار هروبا من مشاعر الشعور بالهرم.

·     الكبت: لا شعوريا يقوم الفرد بمنع الفكرة او الامنية من الصعود للوعي و جعلها في مستوي اللاوعي ،وفي احيانا اخري تبقي المشاعر في الوعي في حين تبقي الرغبات السلوكية و الافكار في مستوي اللاوعي.

·     الانسحاب: تجنب مواقف الصدام التي محتمل ان تسبب توتر او قلق ، او المرتبطة بمشاعر سلبية سابقة.

الرابع: النضوج

وهي المستوي المقبول من الحيل الدفاعية و التي يمارسها الاسوياء بشكل معتدل بحثا عن مشاعر السعادة و اللذة. تساعد هذه الحيل الفرد على النجاح و تمنحه القدرة للسيطرة على مشاعره. من يستخدم هذه الحيل بشكل ملائم يعد شخصا فعال:

·     الايثار: الشعور بالرضا و السعادة عند مساعدة الغير او تفضيلهم.

·     التوقع: تخطيط واقعي لمجابهه مصدر قلق متوقع في المستقبل

·     السخرية: التعبير الصريح عن المشاعر السلبية و الافكار المؤلمة في صورة مضحكة للغير، مثل النكات

·     التقمص: عملية تتم في اللاوعي يقوم بها الفرد لتقمص سمات شخصية فرد اخر

·     الاستغراق: التعمق المفرط في فكرة او مجموعة افكار

·     الاعلاء: تحويل المشاعر السلبية إلى سلوكيات سلبية ، مثل تحويل مشاعر العدوان إلى ممارسة الرياضة ،او الرغبة الجنسية في شكل قصة او قصيدة شعرية.